تعبئة العقار العمومي لإنعاش السكن الاجتماعي
ومحاربة السكن غير اللائق
في إطار التوجهات الملكية السامية، التي جعلت قطاع الإسكان في مقدمة السياسات العمومية وورشا إستراتيجيا من الأوراش الإصلاحية الكبرى التي تعرفها بلادنا، سطرت الحكومة سياسة تهدف من بين ما تهدف إليه، إعادة النظر في طرق وأساليب إنتاج السكن، قصد الرفع من وثيرة الإنجاز، في أفق بلوغ 150 ألف وحدة سكنية اجتماعية سنويا، مع ملائمة العرض السكني لحجم ونوعية الطلب.
ولتحقيق هذا البرنامج الحكومي الطموح، تم اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات، كان من أبرزها، تعبئة الأرصدة العقارية التابعة للدولة والجماعات المحلية والأنظمة العقارية الخاضعة لتدبير الإدارات والمؤسسات العمومية بشروط تفضيلية، وذلك عبر نهج مقاربة جديدة قوامها التعاون والتنسيق والشراكة بين مختلف الفاعلين والمتدخلين في الميدان.
وتروم هذه المقاربة إعطاء نفس جديد لتعبئة العقار العمومي القابل للتعمير، وتوجيه الاستثمارات فيه نحو ما يخدم التصورات الإستراتيجية لهذا القطاع، والمتمثلة أساسا في:
. تشجيع المبادرات وضمان الاستقرار القانوني للاستثمار العقاري،
. المساهمة في التقليص من كلفة الإنتاج،
. الرفع من القدرة على الاستجابة لمتطلبات التمدن السريع،
. إنعاش السكن الاجتماعي وامتصاص العجز السكني المتراكم، عبر الرفع من العرض العقاري في الوسط الحضري،
. إحداث أقطاب ومدن جديدة كفيلة بالتخفيف من ضغط الهجرة القروية على التجمعات الحضرية.
وقد مكنت هذه المقاربة وأساليب وآليات التنفيذ التي وضعت لتأطيرها، من تعبئة 3400 هكتار من العقار العمومي في مرحلة أولى، وضعت كلها تحت تصرف المؤسسات العمومية للإسكان، لمباشرة وإنجاز مشاريع السكن الاجتماعي المبرمجة ومعالجة السكن غير اللائق، وذلك بموجب اتفاقيتين أبرمتا في هذا الموضوع بين الدولة ممثلة في وزارة المالية والخوصصة، ووزارة الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري (بالنسبة للأراضي الخاضعة لتسيير شركتي صوديا وصوجيطا) والوزارة المنتدبة المكلفة بالإسكان والتعمير من جهة، والمؤسسات العمومية التابعة للإسكان من جهة أخرى، وتقضيان بتفويت الأراضي المعبئة لفائدة المؤسسات المعنية على أساس شروط تفضيلية من حيث الأثمنة وآجال الأداء.
وقد شكلت عملية تعبئة الأراضي المخصصة لإنجاز المدينتين الجديدتين « تامنصورت » و « تامسنا » أساس هذه العملية في مرحلتها الأولى، متبوعة بفتح مناطق جديدة للتعمير في مناطق تعرف خصاصا عقاريا حادا، بالإضافة إلى تطوير الشراكة مع القطاع الخاص لإنعاش السكن الاجتماعي.
وحيث إنه من البديهي أن النمو الحضري بما يترتب عنه من حاجيات عقارية متجددة، بالرغم من الاختلافات الموجودة بين جهة وأخرى، ومن تجمع عمراني إلى آخر سواء من حيث الندرة أو الوفرة، يقضي بالضرورة أن تكون عملية تعبئة العقار العمومي مسترسلة في الزمان والمكان، في أهدافها وطبيعتها وأسلوبها وآلياتها، ويعني ذلك كذلك إدراكا قبليا وبعديا للوضعية العقارية في بلادنا كي تكون نتائج العمل متلائمة مع الواقع من ناحية وقابلة للتنفيذ من ناحية أخرى،
ونظرا للنتائج التي أسفرت عنها عملية تعبئة العقار العمومي في شطرها الأول، والصدى الطيب الذي خلفته لدى جميع المتدخلين في القطاع، وكذا الإشكاليات العقارية التي ساهمت في حلها، بادرت هذه الوزارة إلى العمل على فتح شطر ثان من هذه العملية، والتي أدت المشاورات بشأن تحديد العقارات المستهدفة فيها، إن على مستوى الكم أو النوعية أو الشروط المالية الملائمة، إلى رصد ما يربو على 1579 هكتارا، شكلت حصيلة المرحلة الثانية التي غطت الفترة الزمنية ما بين سنتي 2005 و2008، وتم التعاقد بشأنها عبر ثلاث اتفاقيات، إضافة إلى متابعة استكمال العملية بفتح الشطر الثالث منها، والذي هم زهاء 3853 هكتارا، تم توقيع الاتفاقية المتعلقة بها أمام صاحب الجلالة، شهر فبراير من سنة 2009.
هذا، وقد تم استغلال الأرصدة المتحصلة من هاته الأشطر بشكل أمثل، من تجلياته نجاح البرامج السكنية المنجزة فوقها عبر تراب المملكة، والتي خصصت أساسا لتشييد عدد من المدن الجديدة أهمها المدينة الجديدة تكاديرت بأكادير الكبرى، ومدينة الساحل الخيايطة بمنطة الدار البيضاء الكبرى، ومدينة العروي قرب الناظور، ومدينة الشرافات قرب طنجة، إضافة إلى تنفيذ عدد من المناطق الجديدة للتعمير والمناطق المندمجة ومشاريع عديدة لمحاربة السكن غير اللائق.
وقد مكنت الأرصدة العقارية المعبئة خلال المراحل الثلاث من توفير عرض عقاري ملائم، مكن من تجاوز ندرة العقار في بعض المناطق، وتسهيل ودعم عمل المؤسسات العمومية التي يشكل الهاجس العقاري إحدى أهم انشغالاتها، والرفع بصفة ملموسة من وتيرة فتح أوراش الأشغال في عدد من المشاريع المبرمجة، وساعد كل هذا على خلق رواج عقاري واقتصادي، بوأ هذا القطاع مكانة متميزة في جذب الاستثمار وخلق مناصب الشغل، وذلك طبقا للمؤشرات الماكروـ اقتصادية المعتمدة.
هذا، ولأجل الوقوف على سير هذه العملية، فقد تم العمل بإجراءات تتعلق بتتبع تنفيذ وتقييم الاتفاقية المتعلقة بالشطر الثالث منها، والذي هم 3853 هكتارا من العقار العمومي، كما تم إنهاء مرحلة تحديد وجمع المعطيات الخاصة لأجل تعبئة الشطر الرابع من العقار العمومي والأراضي القابلة للتعمير (14426 هكتار)، إضافة إلى تقييم عمليات التعبئة المتعلقة بأراضي الجموع (أزيد من 3000 هكتار) التي تم تفويتها لشركات العمران عن طريق الوكالات الحضرية.